الاخبار العاجلة
بحاجة لمن يهز  شجرة الأردنيين

بحاجة لمن يهز " شجرة" الأردنيين

حسين الرواشدة 

أعتقد - تماما -أن بلدنا يواجه موجة من التحديات و"المزايدات"، وأننا الآن وحدنا ، ويجب أن نواجه الاخطار التي تهددنا ،ونحدد خياراتنا ، بما يتناسب مع قدراتنا ومصالحنا ، لا نملك ترف الصمت امام من يحاول هز ثقتنا بأنفسنا ، او دفعنا للوقوع بين كفي كماشة مشروعين يهددان وجودنا وحدودنا : المشروع الصهيوني والآخر الفارسي ، لا نفكر ان نذهب للحرب ،  ولا ان نكون طرفا فيها ،  لكننا جاهزون وقادرون عن الدفاع عن بلدنا في اي وقت، ولدينا جيش نعتز به ، ونطمئن لشجاعته ، ونقف معه على الدوام. 

فلسطين في ضمير الدولة الأردنية ، ولم يقدم احد لهذه القضية العادلة اكثر مما قدمه الأردنيون ، وما نملكه في هذه الظروف الصعبة هو أدواتنا السياسية والإعلامية و الدبلوماسية ، وهي تتحرك دائما باتجاه فلسطين ، لا غزة فقط،  ومن يقول غير ذلك ، فهو إما جاحد أو مزاود او منافق ، لا يعرف الأردن ، ولا يضمر له خيرا.

‏صحيح ، تعرضنا فيما مضى لمحاولات منظمة لزعزعة وحدتنا وتماسكنا ، وهز ثقتنا بأنفسنا وبلدنا ، والتشكيك بإنجازاتنا الوطنية ، شارك فيها فاعلون محليون معروفون ، وآخرون مجهولون .

صحيح ،أيضا ، لا يوجد لدينا إعلام دولة ، يعبر عن قيمها ومواقفها ، ولا يوجد سرديات  للدولة في أزماتها ، ضيعنا فرصا كثيرة لبناء هذا الإعلام الوطني ، وساهمنا بإضعافه،  مما ترك المجال أمام سطوة "وسائل التواصل " لتملأ هذا الفراغ بعيدا عن المهنية ،والضوابط الأخلاقية والمصالح الوطنية ، وبالتالي خسرنا على اكثر من جبهة ، ليس لأننا لا نملك القدرات والكفاءات الإعلامية ، وإنما لأننا تجاهلناها ، وتعاملنا معها بمنطق "المأكول المذموم"

 الآن، لا بد أن نصارح انفسنا، ونصحو من غفلتنا ، ونغادر منصات اليأس والكراهية ، ونحتكم لضمائرنا ، ثم نصرخ بوجوه "المعطّلين " والفاسدين  والمزايدين ، بيننا : نحن الأردنيين نستحق أن نكون أفضل مما نحن عليه، وهذه الدولة التي بناها الآباء والأجداد ، وتعاضدت فيها ارادة القيادة مع ارادة الشعب ، على امتداد 100 عام ، تستحق أن تبقى قوية صامدة ، وأن نضحي من أجلها بما لدينا من امكانيات ، لا ان نترصد بها العاديات ، نحن -للأسف -نحصد اليوم ما زرعناه بأيدينا في الأمس ، لا أقول ذلك من أجل تقليب المواجع ، لكنني أعيد التذكير به ، لكي نفهم ما حدث لنا ، ونجتهد ونتوافق لتجاوزه.

‏لقد أخطأنا ،أقصد إدارات الدولة ونخب المجتمع معا ، بالتعامل مع وسائطها السياسية والاجتماعية ، أخطأنا بتقدير ذاتنا الوطنية و عنوانها "الكرامة "، أخطأنا حين فرضنا الوصايات على أحزابنا ومؤسساتنا المدنية ، أخطأنا في الاقتصاد والسياسة ، أخطأنا حين تركنا شبابنا بمرمى نيران البطالة والتهميش والمخدرات ، ولم نقدم لهم مشروعا وطنيا يستوعب طاقاتهم ، ويستثمر إبداعاتهم .

أخطأنا حين استغل البعض أزماتنا فنفخ فيها ، بدل أن نتوافق على "صفر أزمات "، والآن نخطىء اذا تصورنا  ان" التحديث" بمساراته الثلاثة  سيتم ب"كبسة زر"،  أو أن الأحزاب "المعلبه " الجاهزة قادرة على حمل المرحلة القادمة ، أو أن " ماراثون "استعادة ثقة الأردنيين يبدأ من التصريحات "المعسولة "، وينتهي بها أيضا.

أعرف ،  لا وقت الآن للتلاوم والشكوى ،  ولا لانتظار المنقذ والمخلّص الغائب ،  ولا أريد أن أسأل : كيف حدث ذلك،  ولماذا ؟ ومن هو المسؤول عنه ؟ المهم أن نبدأ مرحلة جديدة نستعيد من خلالها عافيتنا الوطنية ، بجبهة اردنية موحدة ، وإعلام قوي ، واقتصاد متعاف ومحصن من الفساد ، وأن نتعلم من اخطائنا ،  والأهم أن نهز " شجرة" الأردنيين" ليسقط عنها  ما تراكم من أوراق صفراء، وتنطلق فروعها للأعلى، كما هي هامات الأردنيين وهممهم مرفوعة على الدوام، أما كيف ؟ فلدي ثلاثة عناوين .

 الأول : تصحيح العلاقة بين إدارات الدولة والمجتمع على قاعدة المواطنة والانتماء واحترام الكفاءة، الثاني تصحيح مسارات السياسة والاقتصاد على اساس الاعتماد على الذات والعدالة واطلاق الحريات العامة ، الثالث ترتيب علاقاتنا مع محيطنا الإقليمي والخارجي بناء على مصالحنا ، ووفق إمكانياتنا .


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).